الثمارالجليةفي نصيحة لقمان الحكيم لابنه

فاضلة أجرينا

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن يجد له وليا مرشدا. والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أهله و أصحابه أجمعين. لعلنا في يوم القيامه ننال شفاعته حتى ننجي من عذاب الله العظيم.

 أما بعد:

قد ترك الرسول صلى الله عليه وسلم المعجزة العظيمة إلى أمته تكون منهاج الحياة هي القرآن الكريم, كلام الله الذي يسلم من التبديل والتغيير لأن الله سبحانه وتعالى قد ضمنه من ذلك ويحفظه حتى يوم القيامة, كما قال ربنا عز وجل:

﴿$¯RÎ)  ß`øtwU $uZø9¨“tR tø.Ïe%!$# $¯RÎ)ur ¼çms9 tbqÝàÏÿ»ptm: ﴾[1]

وهذا كتاب الله يشتمل على ثلاثين جزءا ومئة وأربع عشرة سورة. وبعض سور يسمى بأسماء البشركآل عمران ويوسف وهود ويونس وإبراهيم ومريم ولقمان ومحمد ونوح. قد عرفنا أن معظم الأسماء من أسماء أنبياء الله. نعرف أن آل عمران هو أهل عمران وعمران هو أب مريم وهي أم عيسى عليه اسلام. لآل عمران و مريم علا قة بالرسول. فهذا ليس من الأمور العجيبة أن الله أبد إسمهما في القرآن الكريم.

ولكن كيف بلقمان؟ هل هو من الأنبياء؟ أو له علا قة بالرسول؟ لا يوجد الدليل في القرآن الكريم يبين ذلك حتى آية واحدة. نعرف أنه الشخص الذي أوصى ولده بالموعظة الحسنة وكلامه يأثر القلب. ولكن لا نعرف من هو حقيقيا؟ لماذا أبد الله إسمه وجعل إسمه "لقمان" أحد أسماء السور في القرآن الكريم. ما هي الأعمال التي يقوم بها في حياته حتى نجد اسمه حينما قرأنا القرآن خصوصا سورة لقمان.

إن شاء لله نجد الاجابات من اللأسئلة السابقة في هذا البحث. هذا البحث يبحث في تعريف شخصية لقمان, هل هو نبيا أو لا ومميزاته. وأيضا سنبحث المعاني التي تتضمن في نصيحته لابنه.

لعلنا نستطيع أن نأخذ المنفعة من هذا البحث. بقرآءة شخصية لقمان ونصيحته لابنه نجد العبرة والحكمة والموعظة منها حتى يكون مثالا وقدوة لنا في الحياة.

البحث

  الثمار الجلية في نصيحة لقمان الحكيم لابنه

(تفسير سورة لقمان أية 12-19)

أ.ترجمة لقمان الحكيم

اشتهر لقمان بأقواله ونصائحه المملوئة بالحكمة والموعظة الحسنة خصوصا لابنه حتى يأخذها الناس ويجعلونها طريقة وقدوة في تربية أولادهم.

1. اسمه

لقمان هو المكتوب في القرآن الكريم ومعروف بـ ( لقمان الحكيم ) بسبب أن الله تعالى قد اختاره وأعطاه الحكمة. [2]

اختلف المفسرون في بيان اسمه الحقيقي, قد ذكر ابن كثير في تفسيره أن لقمان الحكيم هو لقمان بن عنقاء بن سدون.[3] وقال محمد بن إسحاق : هو لقمان بن ناعور بن

ناحور بن تارخ وهو آزر. وقال وهب: كان ابن أخت أيوب, وقال مقاتل: كان ابن خالة أيوب.[4]

ذكر في كتاب المفصمل في تاريخ العرب قبل الإسلام أن لقمان اشتهر بطول العمر والمقصود به هو لقمان بن عاد أو لقمان بن ناحور بن تارخ وهو آزر. كان ابن أخت أيوب أو ابن خالة أيوب. ولكن الأخبريون يرون أن لقمان الذي ذكر في القرآن ليس لقمان بن عاد, فقد زعموا أن لقمان الحكيم كان عاش في عهد (داوود) ولقب بـ (لقمان الحكيم ) وهو لقمان بن عنقاد, [5] كما قال ابن كثير.

نلاحظ أن اسم لقمان الحكيم الذي ذكر في القرآن هو لقمان بن عنقاء بن سدون.

2. شخصيته

أ‌)    الخُلقية

قال ابن كثير: قد اختلف علماء السلف في لقمان هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبي. واتفق معظمهم أنه كان عبدا صالحا. كما قال سفيان الثوري عن الأ شعت عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا.[6]

وقال الطبري في تفسيره: حدثنا ابن وكيع قال:حدثني أبي, عن إسرائل, عن جابر, عن عكرمة قال: كان لقمان نبيا.[7]

عن قتادة رواه ابن أبي حاتم: خيّر الله لقمان الحكيم بين النبوة والحكمة, فاختار الحكمة على النبوة.[8] المراد بالحكمة يعني الفهم والعلم والتعبير, وقيل أن الحكمة الفقه في الإسلام أو تفقّه في الدين, لم يكن نبيا, ولم يوح إليه الوحي.[9]  وقال البغوي: الحكمة هي العقل والعلم والعملية والإصابة في الأمور.[10] 

روي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال: ألست فلان الراعي فبم بلغت ما بلغت؟ قال: بصدق الحديث و أداء الأمانة و ترك مالا يعني. [11]

من أراء العلماء السابقة نلاحظ أن لقمان الحكيم ليس نبيا ولكنه عبدا صالحا لأن الرسل كانوا يبعثون في أحساب قومهم[12], قد عرفنا أن لقمان عبد أو رق لا يمكن أن يكون نبيا, على رغم ورود الرواية التي تقول إنه نبي ولكن إسنادها ضعيفة.

ب) الخَلقية

لقمان الحكيم رجل قصير وجلده أسود كبلال بن ربة. ولكنه هو من خيور الناس. كما قال الطبري: حدثنا العباس بن الوليد, قال: أخبرنا أبي, قال: حدثنا الأوزاعي, قال: حدثنا عبد الرحمن ابن حرملة, قال: جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل, فقال له سعيد: لا تحزن من أجل أنك أسود, فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان: بلال, ومهجع مولى عمر بن الخطاب, ولقمان الحكيم, كان أسواد نوبيا ذا مشافر. [13]

وقيل أنفه أفطس [14]  وشفتانه غليظة وعظيمة وقدمانه مشققة وواسعة. قال قتادة, عن عبد لله بن الزبير قلت لجابر بن عبد لله: ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال: كان قصيرا أفظس من النوبة. [15] قال الأعمش : قال مجاحد: كان لقمان عبدا أسود عظيم شفتين, مشقق القدمين. [16]

3. حياته

كان لقمان الحكيم من نوبة من أهل أيلة.[17] وقيل أنه من سودان مصر وقيل أنه من حبشة.[18] عاش في زمن داود عليه السلام, صار قاضيا على بني إسرآئيل. قيل أنه عبد أو خياط أو راعي الغنم أو نجار. [19] وقيل كان هو عبدا, مولى للقين ابن جسر. [20]

له ولد اسمه ثاران الذي أحب الناس إليه, كما قال ابن كثير في قول حكاه السهيلى.[21] وقال الدكتور وهبة الزحيلى: اسم ابنه أنعم, أو مشكم, أو ماتان.[22]

من أقواله : ((الصمت حكم وقليل فاعله)) وقيل له: أي الناس شر؟ قال الذي لا يبالي رآه الناس مسيئا. [23]

من قصته المشهورة المذكورة في تفسير الطبري, قال: حدثنا ابن واكيع, قال: حدثنا أبي, عن أبي الأشهب, عن خالد الربغي, قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا, فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة, فذبحها. قال: أخرج أطيب مضغتين فيها, فأخرج اللسان والقلب. ثم مكث ما شاء الله, ثم قال: اذبح لنا هذه الشاة فذبحها. فقال: أخرج أخبث مضغتين فيها, فأخرج اللسان والقلب,  فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما, ومرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما! فقال له لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا, ولا أخبث منهما إذا خبثا. [24]

ب. سورة لقمان أية 12-19

سورة لقمان تتكون من أربع وعشرين أية, وهي مكية, وضعت في القرآن الكريم قبل سورة الروم وبعد سورة السجدة, جزء واحد وعشرين وسورة واحدة وثلالثين. سمي بسورة لقمان لأن فيها ذكر اسم لقمان الذي منحه الله الحكمة.   

قال تعالى:﴿ ô‰s)s9ur $oY÷s?#uä z`»yJø)ä9 spyJõ3Ïtø:$# Èbr& öä3ô©$# ¬! 4 `tBur öà6ô±tƒ $yJ¯RÎ*sù ãä3ô±o„ ¾ÏmÅ¡øÿuZÏ9 ( `tBur txÿx. ¨bÎ*sù ©!$# ;ÓÍ_xî Ó‰‹ÏJym ÇÊËÈ   øŒÎ)ur tA$s% ß`»yJø)ä9 ¾ÏmÏZö/ew uqèdur ¼çmÝàÏètƒ ¢Óo_ç6»tƒ Ÿw õ8ÎŽô³è@ «!$$Î/ ( žcÎ) x8÷ŽÅe³9$# íOù=Ýàs9 ÒOŠÏàtã ÇÊÌÈ   $uZøŠ¢¹urur z`»|¡SM}$# Ïm÷ƒy‰Ï9ºuqÎ/ çm÷Fn=uHxq ¼çm•Bé& $·Z÷dur 4’n?tã 9`÷dur ¼çmè=»|ÁÏùur ’Îû Èû÷ütB%tæ Èbr& öà6ô©$# ’Í< y7÷ƒy‰Ï9ºuqÎ9ur ¥’n<Î) 玍ÅÁyJø9$# ÇÊÍÈ   bÎ)ur š‚#y‰yg»y_ #’n?tã br& š‚͍ô±è@ ’Î1 $tB }§øŠs9 y7s9 ¾ÏmÎ/ ÖNù=Ïæ Ÿxsù $yJßg÷èÏÜè? ( $yJßgö6Ïm$|¹ur ’Îû $u‹÷R‘‰9$# $]ùrã÷ètB ( ôìÎ7¨?$#ur Ÿ@‹Î6y™ ô`tB z>$tRr& ¥’n<Î) 4 ¢OèO ¥’n<Î) öNä3ãèÅ_ötB Nà6ã¥Îm;tRé'sù $yJÎ/ óOçFZä. tbqè=yJ÷ès? ÇÊÎÈ   ¢Óo_ç6»tƒ !$pk¨XÎ) bÎ) à7s? tA$s)÷WÏB 7p¬6ym ô`ÏiB 5AyŠöyz `ä3tFsù ’Îû >ot÷‚|¹ ÷rr& ’Îû ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÷rr& ’Îû ÇÚö‘F{$# ÏNù'tƒ $pkÍ5 ª!$# 4 ¨bÎ) ©!$# ì#‹ÏÜs9 ׎Î7yz ÇÊÏÈ   ¢Óo_ç6»tƒ ÉOÏ%r& no4qn=¢Á9$# öãBù&ur Å$rã÷èyJø9$$Î/ tm÷R$#ur Ç`tã ̍s3ZßJø9$# ÷ŽÉ9ô¹$#ur 4’n?tã !$tB y7t/$|¹r& ( ¨bÎ) y7Ï9ºsŒ ô`ÏB ÇP÷“tã Í‘qãBW{$# ÇÊÐÈ   Ÿwur öÏiè|Áè? š‚£‰s{ Ĩ$¨Z=Ï9 Ÿwur Ä·ôJs? ’Îû ÇÚö‘F{$# $·mttB ( ¨bÎ) ©!$# Ÿw =Ïtä† ¨@ä. 5A$tFøƒèC 9‘qã‚sù ÇÊÑÈ   ô‰ÅÁø%$#ur ’Îû šÍ‹ô±tB ôÙàÒøî$#ur `ÏB y7Ï?öq|¹ 4 ¨bÎ) ts3Rr& ÏNºuqô¹F{$# ßNöq|Ás9 ÎŽÏJptø:$#  ÇÊÒÈ ﴾

ج. نصيحة لقمان الحكيم  (تفسير سورة لقمان أية 12-19)

في أية 12 بين الله أنه قد أعطى لقمان الحكمة. كما بينت قبله أن الحكمة بمعنى العلم والفهم والفقه والإصابة في القول. وقيل هي التوفيق إلى العمل بالعلم والفهم, وشكر الله وحمده على نعمه وفضوله, وحب الخير للناس, واستعمال الأعضاء فيها خلقت له من الخير والنفع. وهذا دليل على أن لقمان الحكيم قد هداه الله إلى المعرفة الصحيحة, من غير طريق النبوة. من يشكر الله على ما أعطاه ربه, فيطيعه ويؤدي فرضه, فإنما يحقق لنفسه النفع والثواب, ويبتعدها عن الهلك والعذاب. ومن كفر نعمة الله عليه, فإنه يسيء إلى نفسه, ولا يضر ربه. إن الله غني عن العباد وشكرهم. وشكرهم لا يزيد في سلطانه, وكفرهم لا ينقص من ملكه.[25]

الأيات التالية (الأية 13-19) اشتملت على نصيحة لقمال لابنه. هذه النصيحة شاملة وكاملة واشتملت على كل جوانب الحياة الدنيا والأخرة لأنها تتضمن المبادئ الإسلامية عن التوحيد والعبادة والأخلاق والمعاملة, أو عن حبل من الله وحبل من الناس.

1.  التوحيد

التوحيد هو الأساس الأول في المبادئ الإسلامية, بدونه تكون الحياة عبثا في الدنيا ولا سيما في الأخرة. قال الله في لسان لقمان:﴿ ¢Óo_ç6»tƒ Ÿw õ8ÎŽô³è@ «!$$Î/ ( žcÎ) x8÷ŽÅe³9$# íOù=Ýàs9 ÒOŠÏàtã ÇÊÌÈ ﴾

ولهذا أوصاه أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا. لأن الشرك أعظم الظلم.[26] والظلم وضع الشيء في غير موضعه أي التسوية بين الخالق والمخلوق. نادى ابنه بالنداء (يا بني) بمعنى التصغير للإشفاق والتحبيب.[27] هذا يدل على أنه أحب ولده حبا شديدا. قيل: كان ابنه كافرا, لذلك نهاه عن الشرك ولا يزال أن ينصحه حتى أسلم وكذلك امرأته. [28]

2.  بر الوالدين

قرن لقمان وصيته بعبادة الله وحده وبر الوالدين. على المسلم أن يطيع والديه في كل شيء ولا يخالفهما إلا إذا أمراه بمعصية الله.

قال الله تعالى: ﴿$uZøŠ¢¹urur z`»|¡SM}$# Ïm÷ƒy‰Ï9ºuqÎ/ çm÷Fn=uHxq ¼çm•Bé& $·Z÷dur 4’n?tã 9`÷dur ¼çmè=»|ÁÏùur ’Îû Èû÷ütB%tæ Èbr& öà6ô©$# ’Í< y7÷ƒy‰Ï9ºuqÎ9ur ¥’n<Î) 玍ÅÁyJø9$#  ÇÊÍÈ ﴾  أي وأمرنا الإنسان وألزمناه ببر والديه وطاعتهما, وأداء حقوقهما, ولا سيما بر الأم التي حملته في ضعف على ضعف, من الحمل إلى الطلق[29] إلى الولادة والنفاس, ثم الرضاع والفطام في مدة عامين والتربية ليلا ونهارا. [30] بل ورد فى الحديث الشريف أن الأم أحق الناس بالمعاملة الحسنة, حتى أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بها ثلاث مرات للتنبية على أن حق الأم عظيم جدا, ثم أوصى بالأب في المرة الرابعة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله, من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك)), قال: ثم من؟  قال: ((ثم أمك)), قال : ثم من؟ قال: ((ثم أمك)), قال: ثم من؟, قال: ((ثم أبوك))[31]

    لا طاعة لولدين عندما يأمران بشرك ومعصية الله. بين الله تعالى فى الأية التالية: ﴿ bÎ)ur š‚#y‰yg»y_ #’n?tã br& š‚͍ô±è@ ’Î1 $tB }§øŠs9 y7s9 ¾ÏmÎ/ ÖNù=Ïæ Ÿxsù $yJßg÷èÏÜè? ( $yJßgö6Ïm$|¹ur ’Îû $u‹÷R‘‰9$# $]ùrã÷ètB ( ﴾  أي إن حرصا عليك كل حرص على أن تتابعهما على دينهما, وتشرك بي في عبادة غيري مما لا تعلم أنه شريك لي, فلا تقبل منهما ذلك, ولا تطعهما فيما أمراك به من الشرك أو المعصية. ولا يمنعك شركهما من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا ما دام يرضيه الشرع, ويقتضيه الكرم والمروءة والإحسان إليمها في القول والفعل كإطعامهما وكسوتهما, وعلاجهما عند المرض, وموارأتهما عند الموت في القبور, وبر لأصدقاءهما. إذن الطاعة إليهما في الأمور الدنيوية دون الدينية.  [32]

3.     اتباع سبيل الأنبياء و الصالحين

في نفس الأية السابقة: ﴿ ôìÎ7¨?$#ur Ÿ@‹Î6y™ ô`tB z>$tRr& ¥’n<Î) 4 ¢OèO ¥’n<Î) öNä3ãèÅ_ötB Nà6ã¥Îm;tRé'sù $yJÎ/ óOçFZä. tbqè=yJ÷ès? ﴾ أي واتبع سبيل المؤمنين التائبين في دينك, ولا تتبع في كفرهما سبيلهما فيه. ثم إلي مرجعك و مرجعهما, فأجازيك على إيمانك, وأجازيهما على كفرهما. [33] وقيل: رجع إلى الله بالتوحيد والإخلاص بالطاعة, وحاصله اتبع سبيل المخلصين لا سبيلهما, الوالدين الذان يشركان بالله. [34]

4.  الشعور بمقاربة الله

أنبه لقمان ولده ليشعر بمقاربة الله في أي الوقت وفي أي المكان. قال الله في لسان لقمان: ﴿ ¢Óo_ç6»tƒ !$pk¨XÎ) bÎ) à7s? tA$s)÷WÏB 7p¬6ym ô`ÏiB 5AyŠöyz `ä3tFsù ’Îû >ot÷‚|¹ ÷rr& ’Îû ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÷rr& ’Îû ÇÚö‘F{$# ÏNù'tƒ $pkÍ5 ª!$# 4 ¨bÎ) ©!$# ì#‹ÏÜs9 ׎Î7yz  ÇÊÏÈ ﴾ أي إن الحسنة و السيئة أو المظلمة والخطيئة, لو كانت مثقال حبة خردل, ولو كانت في أخفى مكان كصخرة, أو في أعلى مكان كالسموات, أو في أسفل موضع كباطن الأرض, لأحضره الله يوم القيامة حين الحساب. [35]

5.  إقامة الصلاة

أمر لقمان ولده بصالح الأعمال الازمة للتوحيد وهي الصلاة أي العبادة لوجه الله مخلصا ﴿ ¢Óo_ç6»tƒ ÉOÏ%r& no4qn=¢Á9$# ﴾ أي أداؤها كاملة بحدودها وفروضها وأوقاتها. وهي عماد الدين¸ ودليل الإيمان واليقين, ووسيلة القرب إلى الله وتحقيق رضوانه.[36]

6.  الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

قال:  ﴿ öãBù&ur Å$rã÷èyJø9$$Î/ tm÷R$#ur Ç`tã ̍s3ZßJø9$# ﴾ المراد: أمر النفس  والآخرين بما هو معروف شرعا وعقلا, كمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال. ومنعهم من المعاصي والمنكرات المحرمة شرعا والقبيحة عقلا بحسب طاعتك وجهدك. [37]

7.    الصبر

ثم قال: ﴿÷ŽÉ9ô¹$#ur   4’n?tã !$tB y7t/$|¹r&﴾ أي علم لقمان أن الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر, لا بد أن ينال من الناس أّذى, فأمر ولده بالصبر عندما أصابته المصيبة. [38]

8.    النهي عن التكبر

وقال: ﴿ Ÿwur öÏiè|Áè? š‚£‰s{ Ĩ$¨Z=Ï9 Ÿwur Ä·ôJs? ’Îû ÇÚö‘F{$# $·mttB ( ¨bÎ) ©!$# Ÿw =Ïtä† ¨@ä. 5A$tFøƒèC 9‘qã‚sù ÇÊÑÈ ﴾ أي لا تعرض بوجهك عن الناس إذ كلموك تكبرا واحتقارا, والمعنى: لا تتكبر فتحتقر عباد الله, لا تتكلم وأنت معرض بل كن سهلا هينا لينا منبسط الوجه وتشديقا في الكلام . ولا تسرع في الأرض مختالا جذلا متكبرا جبارا عنيدا. ويكره الله كل مختال معجب في نفسه وفخور على غيره. [39]\

9.    الاعتدال في المشي

بل هو يعلّم ولده طريقة في المشي بالقول: ﴿ô‰ÅÁø%$#ur ’Îû šÍ‹ô±tB﴾ أي امش مشيا متوسطا عدلا, ليس بالبطء المتثبط المتماوت الذي يظهر الضعف تزهدا, ولا بالسرعة المفرط. [40]

10.  إخفاض الصوت

قال: ﴿ôÙàÒøî$# `ÏB y7Ï?öq|¹ 4 ¨bÎ) ts3Rr& ÏNºuqô¹F{$# ßNöq|Ás9 ÎŽÏJptø:$# ÇÊÒÈ﴾  أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيها, واخفضه, فإن شدة الصوت تؤذي آلة السمع. أن أقبح الأصوات لصوت الحمير. أي رفع الصوت يشبه بالحمير في علوه ورفعه, ومع هذا هو مبغض عند الله تعالى. [41]

 نلاحظ أن نصيحة لقمان الحكيم جمعت بين العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة والأخلاق الكريمة والمعاملة بين الناس.  

د. الاستفادة من نصيحة لقمان الحكيم

من نصائحه نرى أن أول الأمر الذي نصح به ولده هو التوحيد و العبادة لله وحده لا شريك له. هذا يدل أن صلته بالله قوية وإيمانه ثابت حتى يؤثر ذلك على مكارم الأخلاق. أليس ثمر الإيمان هو السلوك الشريف؟ لهذا على المسلم :

1.    أن يقوي إيمانه بالله حتى يستطيع أن يعلم أبناءه جيدا والأمر الأول الذي يهتم به هو التوحيد.

كثير من الآباء لا يهتمون به في تربية أولادهم ويُفوّضون هذه التربية إلى المدارس مع أن هذا الأمر أول ما علّمه لقمان ابنه ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم الذي يهتم بالتوحيد في بداية دعوته حتى بلغ ثلاثة عشر عام.

2.    أن يحقق إيمانه بالعبادة لله وحده.

3.    أن يلزم نفسه لإتّباع سبيل الصالحين ولمصاحبتهم.

4.    أن يتحلّى بالأخلاق الكريمة ويعامل الناس بالسلوك الحسن.

إذا طبّق المسلم هذه الأسس في حياته, إن شاء الله يستطيع أن يربي أولاده في وقت المستقبل لأن الابن سينظر إلى أخلاق والديه قبل أن يقبل نصيحتهما. 

5.    أن يُذَكِّر ابنه بألاّ ينسى موقفه في الأمة وهو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. لأن المسلم الحقيقي لا يعيش منفردا متقطعا عن المجتمع وهو مسؤول أيضا عن الفساد الذي انتشر في المجتمع.

وهذه هي الثمرة الجليلة في مضمون نصيحة لقمان لابنه. ونستفيد منها أن المسلم الحقيقي هو الذي يؤمن بالله إيمانا حقيقيا ويظهر إيمانه بعبادته لله وحده وبمعاملته الحسنة مع الناس وبمصاحبة الصالحين وبشعور مقاربة الله له حتى يخاف من أن يقع في المعصية. وأخيرا لا ينسي موقفه في هذه الأمة وهو الداعي الآخرين إلى الله والإسلام دينه.

الخاتمة

الخلاصة

الخلاصة من هذا البحث أن لقمان الحكيم هوعبد صالح وليس نبيا. اسمه لقمان بن عنقاء بن سدون. وعاش في زمن نبي الله داوود عليه السلام ويكون قاضيا على بني إسرآئيل, قيل أنه عبد أو خياط أو راعى الغنم أو نجار. واشتهر بكلامه الجميل الذي يؤثر النفس, كنصيحته لانبه, ثاران, قيل  أنعم أو مشكم أو ماتان الذي هو أحب الناس إليه.

اشتملت نصيحته على كل جوانب حياة الدنيا والآخرة أي توصل إلى إثبات التوحيد وإطاعة الله والتزام بمكارم الأخلاق والمعاملة بين الناس.

قد كرمه الله بإعطاء الحكمة ( العلم والفقه) وأبّد اسمه في القرآن الكريم لأنه من عباده الصالحين و لديه أحسن الخلق.

لعلنا نستطيع أن نأخذ المنفعة من هذا البحث, عن ترجمة لقمان الحكيم حتى يكون مثالا وقدوة لنا في الحياة, خصوصا في تقوية الصلة بالله والصلة بالناس. علينا أن نتعامل مع الآخرين بالسلوك الحسن. الفتوحات في تاريخ الإسلام ليس بالسيوف والأسلحة لكن بالسلوك الذي يطبقه جيوش المسلمين حتى  يؤثر ويجذب قلوب سكان البلاد المفتوحة للدخول إلى الإسلام.

 لكن الواقع الآن يدل على أن أزمة الخلق قد انتشرت حتى في بلاد الإسلام. مع أن المسلمين هم يعبدون الله ويقيمون ما فرضهم الله ولكن أخلاقهم فسدت. لذلك حيّ نبدء من نفسنا لنحسن أخلاقنا حتى تقوم الحضارة الإسلامية. اعلم أن المسلم الحقيقي لا يرى من عبادته فقط لكن يرى من أخلاقه ومعاملته مع الناس, بل الله تعالى لا يرى عبادته ويكون عبثا ولا سيما سيدخله الله إلى النار بسبب سوء سلوكه كما ورد في الحديث الشريف.

المراجع

القرآن الكريم.

البغداد, أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسى, روح المعاني في تفسير القرآن العطيم و السبع المثاني, الجزء 21, (لبنان: إدارة الطباعة المنيرية).

البغوي, الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود, تفسير البغوي معالم التنزيل, (الرياض: دار طيبة), 1991م.

الدكتورجواد علي, المفمل في تاريخ العرب قبل الإسلا م  المجلد1, 1993م.

الدمشقي, الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير, تفسير القرآن العظيم المجلد 11, (القاهرة: مؤسسة قرطبة),  2000م.

الدمشقي, الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل ابن عمر  بن كثير  القرشي, البداية و النهاية المجلد 3, 1997م.

الزحيلى, الدكتور وهبة, تفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج المجلد 21, (لبنان: دار الفكر المعاصر), .199 م.

الطبري, أبي جعفر محمد بن جرير, تفسير الطبري جامع بيان في تأويل اقرآن, (القاهرة: المكتبة التوقيفية), 2004م.

كتاب الحديث المستوى الثاني، سلسلة تعليم اللغة العربية, (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية).

---

[1]   القرآن سورة الحجر, الأية 9

 [2]  الدكتورجواد علي,  المفمل في تاريخ العرب قبل الإسلا م, ج 1 ( 1993 م), ص 315.

[3]   الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي, تفسير القرآن العظيم, ج 11 (القاهرة: مؤسسة قرطبة 2000م), ص 53.

[4]   الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, تفسير البغوي معالم التنزيل, ج 6 (الرياض: دار طيبة, 1991م),  ص 286. وانظر الدكتور وهبة الزحيلى. تفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج ,ج 21, (لبنان: دار الفكر المعاصر, 1991 م), ص 143

[5]   الدكتورجواد علي, المرجع السابق, ص 316.

[6]   الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي, تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 49. وانظر الدكتور   وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص 143. وانظر  أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, تفسير الطبري جامع بيان في تأويل اقرآن, (القاهرة: المكتبة التوقيفية, 2004م), ص89-90,  وانظر  الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, تفسير البغوي معالم التنزيل, المرجع السابق ص 286.

   [7] أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 90. ( إسنده ضعيف), وانظر الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, المرجع السابق, ص 286.

[8]    الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي, المرج السابق, ص 52. (إسناده ضعيف)

[9]    المرجع نفسه, ص 52 . وانظر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 89.

[10]   الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, المرجع السابق, ص 286.

[11]  المرجع نفسه, ص 287.

[12]  الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 51.

[13]  أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 89.

[14]   انخفضت قصبة أنفه

   [15]الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 50.

 [16] المرجع نفسه, ص 50 , وانظر الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, المرجع السابق, ص287, وانظر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 90.

[17]  الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل ابن عمر  بن كثير  القرشي الدمشقي, البداية و النهاية, ج 3( 1997م), ص 6.

[18]  الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 50, وانظر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 89,  و الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل ابن عمر  بن كثير  القرشي الدمشقي, البداية و النهاية, المرجع السابق, ص 6.

[19]  الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 50, وانظر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 89, و الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, المرجع السابق, ص287.

[20]   الدكتورجواد علي, المرجع السابق, ص 316.

[21]   الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق,  ص 53.

 [22] الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص143, وانظر الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي, المرجع السابق, 287.

[23]  الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص.143.

[24]  أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 89.

[25]  الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص145. وانظر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري, المرجع السابق, ص 90.

[26]  الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 53.

[27]  الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص145.

  [28] أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسى البغداد. روح المعاني في تفسير القرآن العطيم و السبع المثاني, ج 21  (لبنان: إدارة الطباعة المنيرية) ص85.

[29]   الصعوبة في الإنجاب

 [30] الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص146, و انظر الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 53.  قال مجاهد: وهنا على وهن هو  مشقة وهن الولد. و قال قتادة:  جهدا على جهد. وقال عطاء الخراساني: ضعفا على ضعف

   [31]رواه البخاري و مسلم,  كتاب الحديث المستوى الثاني, سلسلة تعليم اللغة العربية, (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) ص80.

[32]   الدكتور وهبة الزحيليو المرجغ السابق, ص 147-148, وانظر أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسى البغداد, المرجع السابق, ص 87.

[33]  الدكتور وهبة الزحيلي المرجغ السابق ص148, و الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق, ص 54.

[34]   أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسى البغداد, المرجع السابق, ص 87.

[35]  الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص149.

  [36] المرجع نفسه, ص 149.

  [37] المرجع نفسه, ص 149.

  [38] المرجع نفسه, ص 150.

  [39] المرجع نفسه, ص 150. وانظر الإمام الجليل الحافظ غماد الدين أني الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي,  تفسير القرآن العظيم, المرجع السابق,  ص 56-57.

  [40] الدكتور وهبة الزحيلى, المرجع السابق, ص 151.

  [41] المرجع نفسه, ص151.